تحصين المفسدين بقوة القانون.. وحماة المال العام يطلقون برنامجا نضاليا ضد مشروع المسطرة الجنائية

عبرت الجمعية المغربية لحماية المال العام عن قلقها العميق واستيائها البالغ من المصادقة الأخيرة للجنة العدل والتشريع بالبرلمان على مشروع قانون المسطرة الجنائية، وخاصة المادتين 3 و7، معتبرة أن هذا التعديل التشريعي يمهد الطريق لتحصين المسؤولين المنتخبين المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام، ويشكل ضربة قوية لمبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليها في الدستور المغربي.

وفي بيان صادر عن المكتب الوطني للجمعية عقب اجتماع عقد عن بعد اليوم الاثنين 19 ماي 2025، حذرت الجمعية من المخاطر التي تتهدد المسار الديمقراطي بالمغرب نتيجة ما وصفته بـ”الانحراف التشريعي” الذي تسعى الحكومة إلى تمريره بدعم من الأغلبية البرلمانية. واعتبرت أن هذا التوجه التشريعي يسعى إلى تقييد دور المجتمع المدني والمواطنين في الإبلاغ عن جرائم الفساد، بل ويتعدى ذلك إلى الحد من صلاحيات النيابة العامة كسلطة قضائية مستقلة.

كما استعرض المكتب الوطني في بيانه عدداً من قضايا الفساد التي تثير جدلاً واسعاً، من بينها شبكة الفساد التي تم الكشف عنها بجامعة ابن زهر بأكادير، والمتهمة بتزوير الشواهد الجامعية لفائدة أشخاص يُشتبه في استفادتهم منها للحصول على مناصب ووظائف عمومية. وأكدت الجمعية أن هذه الممارسات لا تمس فقط بسمعة الجامعة، بل تُقوض الثقة في منظومة التعليم العالي برمتها.

وجّهت الجمعية اتهامات صريحة للحكومة بغياب إرادة سياسية حقيقية لمحاربة الفساد والرشوة، متهمة إياها بالتقاعس عن إصلاحات تشريعية جوهرية مثل تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، وتعديل قوانين التصريح الإجباري بالممتلكات، معتبرة أن المادتين 3 و7 تسعيان إلى تقنين الامتيازات القانونية والقضائية لجهات بعينها على حساب مبدأ المساواة أمام القانون.

وفي هذا السياق، أعلنت الجمعية عن برنامج نضالي متكامل يجمع بين التواصل والحوار والتعبئة المجتمعية والاحتجاج الميداني. ويتضمن البرنامج سلسلة من اللقاءات مع الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها، بالإضافة إلى جلسات حوار مع المؤسسات الدستورية المعنية بالحكامة ومحاربة الفساد، مثل الهيئة الوطنية للنزاهة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومؤسسة الوسيط، ومجلس المنافسة.

كما دعت الجمعية إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان يوم السبت 14 يونيو المقبل على الساعة الرابعة مساء، تنديداً بما اعتبرته “محاولة تمرير قانون يحمي المفسدين”.

واختتم البيان بالتأكيد على أن معركة مكافحة الفساد ونهب المال العام تظل مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، داعية إلى انخراط جماعي وواعي في التصدي لهذه الظاهرة التي تهدد أسس العدالة والتنمية الشاملة.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*