تملالت تحت العطش.. وقفة احتجاجية ترفع صوت الحق المائي المهدور في قلعة سراغنة

متابعة:محمد الحجوي

في عالمٍ تُقاسُ فيه قيمةُ الحياةِ بوجودِ الماء، يخرجُ أهالي تملالت تابعة لإقليم قلعة سراغنة اليومَ حاملينَ أصواتَهم العطشى، ليُذكّروا العالمَ بأنَّ حقَّ الماءِ ليس مُجرّدَ شعارٍ، بل هو جوهرُ الكرامةِ والبقاء. بينَ شوارع وتحت شمسِها الحارقة، تُكتبُ لوحةٌ احتجاجيةٌ تُمزجُ بينَ الألمِ والأمل، بينَ صرخةِ الاستغاثةِ وإصرارِ المطالبةِ بحقٍّ طبيعيٍ سَلَبَهُ الإهمالُ أو سوءُ التخطيط.

هذهِ الوقفة الاحتجاجية ليستْ حدثا عابرا، بل هي صوت مجتمعٍ يُناضلُ ضدَّ العطشِ والتهميش، ويُذكّرُ المسؤولينَ بأنَّ الماءَ، ذلكَ السائلُ البسيطُ في عيونِ الكثيرين، هو عندَ أبناءِ تملالت نقطةُ حياةٍ تُختزلُ فيها كلُّ معاني العدالةِ والإنصاف. فكيفَ يُعقلُ أنْ يظلَّ السكّانُ يُناضلونَ من أجلِ قطراتٍ بينما تُدارُ في أماكنَ أخرى صنابيرُ الفُضُولِ؟

هنا، حيثُ تُلامسُ الأقدامُ ترابَ الأرضِ العطشى، يُعلنُ أبناءُ تملالتِ رفضَهم للصمتِ، ويُجسّدونَ مقاومةً سلميةً تُعبّرُ عن إرادةِ العيشِ بكرامة. فهلْ تكونُ وقفتُهم هذهِ نهايةَ عهدِ الحرمانِ، أمْ مجرّدَ فصولٍ جديدةٍ من سلسلةِ الانتظارِ؟

بهذا الخروجِ الصامدِ، يختمُ أهالي تملالت وقفتَهم الاحتجاجيةَ وكأنهم يكتبونَ بدمعِ العيونِ وعرقِ الجبينِ فصلاً جديداً من فصولِ النضالِ من أجلِ الحياة. فما كانَ يوماً مجردَ مطلبٍ عابرٍ، أصبحَ اليومَ صرخةً تدوي في ضميرِ الإنسانية، تذكّرُ الجميعَ بأنَّ الماءَ ليس امتيازاً، بل هو حقٌّ مقدسٌ لا يُمسّ.

لقد وقفوا كالسنديانِ أمامَ رياحِ التهميشِ، وحوّلوا ساحاتِ الاحتجاجِ إلى منابرَ للكرامةِ، ليُعلنوا للعالمِ أنَّ العطشَ ليس قدراً، وأنَّ زمنَ الصمتِ قد ولى. نعم، قد تجفُّ القنواتُ، ولكنَّ إرادةَ هؤلاءِ لن تجفَّ أبداً، ففي كلِّ قطرةِ ماءٍ تُنتزعُ بحقٍّ، تُروى شجرةُ العدالةِ الاجتماعية.

اليوم، وبينما تتراجعُ أصواتُ الاحتجاجِ، تبقى صدى مطالبِهم عالقاً في الأفق، كالندى الذي يعلّقُ على أغصانِ الصباحِ رجاءً بتغييرٍ قادم. فإما أن تكونَ وقفتُهم هذهِ بذرةً لانتصارٍ يُثمرُ غداً، أو جرسَ إنذارٍ يُوقظُ ضميرَ المسؤولينَ قبلَ فواتِ الأوان. فهل يُغيّرُ هذا الصوتُ العالي من واقعٍ ظلَّ لسنواتٍ ينزفُ عطشاً وتهميشاً؟ التاريخُ وحدهُ من سيجيبُ، ولكنَّ الأكيدَ هو أنَّ أبناءَ تملالتَ قد قدّموا درساً في الصبرِ والكبرياء لن يُنسى.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*