تعيش بلدية تملالت الواقعة بإقليم قلعة السراغنة، على وقع شكاوى متكررة من مواطنين يواجهون صعوبات مستمرة في الحصول على وثائقهم الإدارية. هذه الصعوبات، وفق إفادات محلية، لا ترتبط فقط بالتعقيد البيروقراطي، بل بما هو أخطر: طلب إتاوات مالية من طرف بعض الموظفين مقابل تسريع أو تسهيل الخدمات، في ممارسات تُخالف القانون وتمس بمبدأ المساواة بين المواطنين.
ورغم وجود الرقم الأخضر الذي خصصته رئاسة النيابة العامة للتبليغ عن الفساد والرشوة، فإن هذه الآلية تبقى شبه معطلة في المناطق شبه القروية مثل تملالت، حيث يغيب الوعي القانوني، ويهيمن الخوف من الانتقام، إلى جانب فقدان الثقة في فعالية مؤسسات الرقابة، مما يجعل الكثير من المواطنين يترددون في التبليغ أو يفضلون الصمت.
المفارقة أن هذه الظواهر تستمر في ظل غياب رد فعل رسمي واضح، رغم تزايد الأصوات الداعية إلى فتح تحقيق شفاف، واتخاذ إجراءات حازمة في حق كل من يثبت تورطه. فالإدارة العمومية وُجدت لخدمة المواطن، لا لابتزازه أو تحميله أعباء إضافية مقابل حقوقه المشروعة.
محاربة الرشوة، خاصة في المرافق المحلية، لا تتطلب فقط التشريعات، بل أيضاً جرأة في الإنفاذ، وتمكين المواطنين من آليات فعالة للتبليغ، وحمايتهم من أي تبعات محتملة. كما أن تعميم رقمنة المساطر وتبسيطها من شأنه أن يقلص كثيراً من فرص الاحتكاك المباشر، ويحد من مثل هذه السلوكيات.
في النهاية، تبقى محاربة الفساد مسؤولية جماعية تتقاطع فيها أدوار الدولة والمجتمع، وتبدأ بإرادة حقيقية في القطع مع الممارسات التي تُهدر الكرامة وتُضعف الثقة في المؤسسات. وإذا كانت الرشوة تُمارَس في الخفاء، فإن آثارها تظهر بوضوح في تأخر التنمية وتهميش المواطن. ولا إصلاح ممكناً دون مساءلة، ولا عدالة بدون شفافية.















