ضمان الحقوق المجاورة شرط نجاح الانتقال الرقمي في ميدان الصحافة والإعلام

أكد المشاركون في ورشة نظمت، اليوم الأربعاء، بمراكش، أن ضمان الحقوق المجاورة يعد شرط نجاح الانتقال الرقمي في ميدان الصحافة والإعلام، و”عاملا مساعدا على الرقي بالخدمات التي تقدمها المقاولات الصحافية في العصر الراهن”.

وشدد المشاركون خلال هذه الورشة التي تناولت موضوع “الصحافة والحقوق المجاورة”، ونظمت في إطار الندوة الدولية “التحول الرقمي بين التقنين والتنافسية”، على ضرورة “شمل المجال الصحافي بكل سبل النجاح، مع التركيز على الجوانب القانونية، والمهنية، والتنظيمية، حتى يضطلع بمهامه على الوجه الأمثل”، لافتين إلى مبدأ “التمييز الإيجابي” لفائدة المقاولات الإعلامية، أمام الشركات الكبرى المختصة في التواصل الاجتماعي، من قبيل “غوغل” و”آبل” و”أمازون” و”فيسبوك”، والتي “ما تفتأ تتقوى وتجني لوحدها ثمار الطفرة التكنولوجية”. وأجمعوا على أهمية رص صفوف المقاولات الإعلامية، كمرحلة أولية من أجل توحيد الرؤى بخصوص الإشكاليات التي تعرفها، وتتجلى أساسا في “ضعف الموارد المالية، ومعضلة التكوين المستمر للصحافيين والصحافيات، وعدم جاذبية المحتويات”، مشيرين، في المقابل، إلى مفهوم الحقوق المجاورة المتعلق بالملكية الأدبية والفنية، والذي يعد “مجموعة الحقوق التي يتمتع بها فنانو الأداء ومنتجو التسجيلات السمعيـة أو السمعية – البصرية والهيئات الإذاعية والتلفزية”.

وفي كلمة بالمناسبة، استعرض بونوا كوري، رئيس هيئة المنافسة بفرنسا، تجربة هذه الهيئة ومهامها واختصاصاتها، لاسيما الاستشارية و”المنازعاتية”، مشيرا إلى أن خلق الثروة وإعادة توزيعها في المجال الصحافي يعرف تداخل عدة أبعاد أهمها البعدان القانوني والمجتمعي، هذا الأخير الذي يعتبر الصحافة سلطة قائمة الذات.

وبعدما سلط الضوء على السبل القمينة بتعزيز “قابلية عيش” المقاولات الصحافية، من قبيل احترام التعددية والعمل على إبراز صحافة ذات جودة، مع الامتثال للإطار القانوني المنظم للقطاع بفرنسا، استشهد بالعنصر المحوري المساعد على توطيد الاستقلالية المالية للمقاولات الصحافية، والذي يتجلى في تقديم “أجر ملائم تبعا لحق إعادة الانتاج”.

وخلص إلى أن تشعب المجال مرده بروز فاعلين جدد كالناشرين، ووكالات الأنباء، والموزعين، وصعوبة تبني نموذج اقتصادي بمستطاعه بيع المحتوى وحسن تسويقه، ورسملة المحتويات الإعلامية، محصيا الممارسات المنافية والمخالفة للقانون التي واجهتها العدالة الفرنسية بحزم، “على غرار قضية غوغل وتبعاتها الوخيمة على القطاع بفرنسا” سنة 2020. بدوره استعرض مصطفى أمدجار، عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، الجهود التي تبذلها الوزارة لتنظيم القطاع وتسهيل ولوجه إلى العالم الرقمي، مؤكدا أن المشهد الإعلامي مدعو إلى مواجهة التحديات التي يعرفها القطاع.

وكشف أن “السياسات العمومية الناظمة للمجال ماضية في تحيين النصوص ذات الصلة، لاسيما الخاصة بحقوق الملكية الفكرية في مجال الصحافة”، مسجلا الحاجة إلى “تحصين المجال أمام كبريات الشركات، على اعتبار أن الأمر يتسق مع قضايا السيادة، ضمانا لحماية المعطيات الشخصية التي تعد مكونا هاما في ‘باقة’ الحقوق والحريات”.

أما باقي المداخلات فأكدت “ضرورة بلورة عقود برامج تصل الدولة مع باقي الفاعلين في القطاع، بما يخدم القيم النبيلة للسلطة الرابعة وعوائدها الإيجابية على الفرد والمجتمع، داعية إلى “تغيير البراديغمات الخاصة بالصحافة المكتوبة وتحيين النصوص القانونية حتى تساير التغيرات الطارئة حاليا”.

وسجلت الحاجة إلى ضمان مزيد من الاستدامة لفائدة المقاولات الصحافية مع الامتثال لأخلاقيات المهنة، داعية إلى الاستثمار في المجال الإعلامي، على اعتبار أن القطاع تغلب عليه المقاولات الفردية، كما اعتبرت أن هناك “ضرورة لإعادة تنظيم القطاع”.

وتعرف هذه الندوة الدولية، المنظمة، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بشكل مشترك من قبل كل من مجلس المنافسة، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، ووكالة التنمية الرقمية، مشاركة ممثلي هيئات الحكامة، وفاعلين اجتماعيين واقتصاديين، ومؤسسات ومنظمات دولية وإقليمية معنية بالقضايا التي يطرحها التحول الرقمي، فضلا عن خبراء ومتخصصين في المجالات القانونية والاقتصادية والمالية.

وتتمحور أشغال الندوة حول عدد من المواضيع، من بينها، على الخصوص، تقنين الأسواق والخدمات، والصحافة والحقوق المجاورة، ورقمنة التمويل، ومركزية المعطيات في الأسواق الرقمية، والولوج إلى المعطيات.