العدالة و التنمية بمراكش بين حلم الأمس وكابوس اليوم

بعد دستور 2011 الذي جاء نتاج سيرورة تاريخية متدرجة لمجموعة من الإصلاحات التاريخية و الأوراش الكبرى في جميع المجالات أهمها ورش الجهوية المتقدمة (هذا الورش الذي أعطى الملك انطللاق المشاورات فيه سنة 2009 ) يعد من أهم أسس السياق العام للتعديل الدستوري ، و بعد الانتخابات التشريعية في نونبر 2011 التي تصدر فيها حزب العدالة و التنمية المشهد السياسي بما تحمله الكلمة من معنى ، حيث شكل الحكومة بأغلبية مريحة برئاسة السيد عبد الإله بن كيران ، من هنا بدأ حزب العدالة و التنمية تعميق جذوره السياسية في كافة أقاليم وجهات المملكة المغربية الشريفة من خلال العمل على تكريس هياكله التنظيمية وفق استراتيجية محكمة تقوم على خلق منظمات حزبية قوية بخطاب سياسي قائم على الاستراتيجية التضامنية و التوجيهية ، حيث نال بذلك تعاطفا شعبيا كبيرا لأن مخاطبة القلب أقوى من مخاطبة العقل ، و بعد مرور أربع سنوات على هذا النهج جاء الدور على الانتخابات الجماعية وبعدها الانتخابات التشريعية لسنة 2016 ليكتسحهما كذلك و يظفر برئاسة الحكومة ورئاسة عدد كبير جدا من الجماعات الترابية و عموديات المدن الكبرى و أهمها مراكش الذي ولج إلى بهو بلديتها بأغلبية مريحة ليضمن تسييرا حرا غير متحكم فيه ، مع رئاسة مقاطعاتها الخمس إلا واحدة منها ، لتصبح مراكش مضاءة بقنديل العدالة و التنمية الذي انطفئ مع الانتخابات التشريعية و الجماعية لسنة 2021 ، فماذا حدث ؟!!
هنا سنتطرق للموضوع بشقيه الوطني والمحلي ، وسنلخصه في سبع نقاط رئيسة :


1- عدم الوفاء بالوعود الانتخابية : الكل يجمع أن البرامج الانتخابية لحزب العدالة و التنمية رفعت السقف عاليا متجهة نحو العجائب السبع ، ولأن الإنسان يغلب على طبعه التمني ظل ينجدب إلى خطاب سياسيي البيحيدي المعنون بمواصلة الإصلاح ، و بالفعل شهد المغرب إصلاحات عميقة على عدة مستويات اقتصادية و اجتماعية ولكن للأسف بدل أن يستفيد منها المواطنون في حياتهم المعيشية أضرت بقدرتهم الشرائية ، حيث أثرت بشكل سلبي كثيرا على الطبقة المتوسطة و الفقيرة وهاتين الفئتين من الشعب هما خزان الأصوات الانتخابية الذين مكنا حزب اللامبة من اعتلاء المشهد السياسي المغربي لفترة 10 سنوات متتالية ، فبدأ المواطنون الظمئى يصلون إلى الماء المتخيل لهم فيجدونه مجرد سراب و لكن وعود انتخابية فارغة .


2- التصدع الداخلي للحزب الناجم عن صراعات قادة الحزب التي طفت على السطح و التي ظهر للجميع أنها مجرد صراعات مصلحية أنانية …
3- عدم تجديد الخطاب السياسي للحزب فظل ينشد الأطلال .
4- خصوماته مع الأحزاب السياسية المغربية التي وضعته في بلوكاج سياسي سنة 2017 .
5- عدم قدرته على استقطاب الكفاءات العلمية و الشبابية أثرت على الحزب كثيرا في تسييره لعدد كبير من الجماعات الترابية بأشخاص دون المستوى المطلوب .
6- المتابعات القضائية لقيادات منه بتهم تبدير المال العام أضرت بسمعة الحزب بمراكش
7- المعارضة المدنية لسياسات تسيير الشأن المحلي للحزب داخل مدينة مراكش .


كل هذه النقط التي ذكرناها أعلاه جعلت حزب العدالة و التنمية يفقد مجمل مناضليه و كذلك المتعاطفين معه ، وهذا ظهر جليا في لوائح مرشحيه في الانتخابات الجماعية ( وهنا سأتحدث عن مدينة مراكش ) فمقارنة بين لوائح الترشيح لسنة 2015 ولوائح الترشيح لسنة 2021 نجد أن هذه الأخيرة طالها التغيير بنسبة أزيد من 90% ، ولم يستطع ملئها إلا بشق الأنفس حيث لم يجد من يترشح باسم الحزب ، بل تم نقل أحد قيادييه من مقاطعة المنارة مراكش إلى مقاطعة المدينة مراكش من أجل ملئ الفراغ فقط ، و من جهة اخرى تم انتقال عدد من مناضليه إلى أحزاب أخرى بعد تأكدهم من الموت السريري للحزب مما زاد من تأزم الحزب داخل مدينة مراكش ، كل هذا أدى إلى السقوط الحر للحزب ، وليس ما يدعيه بعض مناضليه من استعمال الأحزاب الأخرى للمال في الانتخابات ، فالمال موجود في كل الانتخابات العالمية ، و السؤال ألم يكن موجود في انتخابات 2011 و 2015 و 2016 ؟ المال يوجد في كل انتخابات ولكن قناعات المواطنين تتغير .


و استشرافا للمستقبل ومن خلال التحليل الموضوعي لواقع حزب العدالة و التنمية بمراكش يتبين أن الحزب سيواصل اندحاره ، مما سيسهل استقطاب بعض أعضاءه الذين لديهم طموح سياسي ، إن لم تكن هناك مصالحة داخلية حقيقية للحزب على المستوى الوطني و التوافق على قيادة جديدة قبل عقد المؤتمر الوطني التاسع للحزب المزمع تنظيمه في شهر أبريل من العام المقبل .


ونأكد أن كل ما ذكرناه أعلاه مجرد رأي قد نصيب فيه وقد نخطئ فيه ، وهذا الرأي لا يفسد للود قضية ، مع احترامنا لكافة أعضاء ومناضلي حزب العدالة و التنمية الذين نكن لهم كامل الاحترام و التقدير .

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*