بقلم: محمد كرومي
تثير العلاقات العاطفية قبل الزواج الكثير من الجدل والتساؤلات، حيث ينظر إليها الشباب على أنها مرحلة تمهيدية قد تساهم في بناء زواج قوي قائم على التوافق والانسجام. فالبعض يرى في هذه العلاقات وسيلة لتعزيز الفهم المتبادل بين الطرفين، فيضعون لها حدودًا تمنع تجاوزها حفاظًا على جدية العلاقة، بينما يرفض آخرون فكرة الدخول في علاقة قبل الزواج لاعتبارات دينية واجتماعية.
إلا أن السؤال الأهم الذي يُطرح هو: هل للفتيات رأي في هذا الموضوع، وهل يعترف المجتمع برغباتهن وتطلعاتهن في هذا الشأن؟ فهل يقبل الشاب الزواج من فتاة كانت قد دخلت علاقة سابقة؟ يبدو أن الإجابة تختلف بين مؤيدين ورافضين، حيث تُعتبر هذه القضية أحد “الطابوهات” التي لا تزال تُناقش بحذر شديد في مجتمعاتنا العربية، وخاصة في المجتمع المغربي.
ما يزيد من تعقيد المسألة هو غياب التوازن في النظرة المجتمعية بين الرجل والمرأة. فعندما يتعلق الأمر بعلاقات الرجل العاطفية قبل الزواج، يُنظر إليه على أنه أمر عادي، وحتى مقبول، بينما تتعرض الفتاة إلى حكم قاسٍ وتجد نفسها في موضع الاتهام، بغض النظر عن مدى التزامها بحدود هذه العلاقة. هذه الازدواجية في المعايير تكشف عن عمق التأثر بالعادات والتقاليد التي تتسم غالبًا بسيطرة الذكورية، والتي تضع المرأة في موقع أقل قبولًا للخطأ، وتحرمها من التمتع بنفس حرية الرجل في خوض تجارب حياتية مماثلة.
في النهاية، يبرز هذا الموضوع كإشكالية اجتماعية وأخلاقية معقدة تعكس التحديات التي تواجهنا في تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين، في مجتمع لا يزال يعيش تحت ثقل العادات الموروثة، التي تُغلّفها مشاعر متضاربة حول حرية المرأة وحقها في اختيار شريك حياتها بما يتماشى مع قناعاتها الخاصة.
Be the first to comment