بقلم: محمد بالحوضي
في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ الوطن، تستعد بلادنا لاحتضان كأس أمم إفريقيا كحدث قاري كبير يحمل للعالم رسالة مغرب جديد، آمن بذاته، موحد في إرادته، ومعتز بعمقه الإفريقي المتجذر في التاريخ والمصير المشترك.
ومن مراكش، المدينة التي كانت دائما عبر العصور قلب المملكة وذاكرتها الحية، ينبعث نداء صادق من رحم الانتماء للمملكة المغربية الشريفة، نداء حب الوطن استعدادا لعرس القارة السمراء، إلى كل مكونات المدينة وفعالياتها: السلطات المحلية، الجماعات الترابية، الفاعلين السياسيين، الجمعيات المدنية، التجار، المثقفين، الرياضيين، والإعلاميين الذين يشكلون صوت المدينة النابض وعنوان فخرها الدائم.
إن الرهان اليوم أكبر من مجرد تظاهرة رياضية، إنه رهان على صورة الوطن وهيبته ومكانته بين الأمم، فكل خطوة وكل جهد يبذل في مراكش هو مرآة تعكس صورة المغرب كله أمام إفريقيا والعالم، ولذلك فإن المرحلة تقتضي انصهار الجميع في روح واحدة، روح العمل الجاد والمسؤول، تحت راية الوطن وبتوجيهات مؤسس النهضة الحديثة جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
مراكش، بما تمتلكه من رصيد حضاري وتجربة رائدة في تنظيم كبريات التظاهرات مدعوة اليوم لأن تكون نموذجا للوحدة والتناغم، لا مجال فيها للخلافات الصغيرة أو الحسابات الضيقة، فالمرحلة ليست لحظة تنافس مدني أو سياسي وإنما امتحان للقدرة الجماعية على ترجمة الانتماء إلى فعل حضاري وإلى مشهد يعكس رقي المغاربة وتلاحمهم.
ولأن الإعلام هو مرآة المدينة وسفيرها للعالم، فإننا نشيد بالدور الكبير الذي تضطلع به المنابر الإعلامية المراكشية، والتي كانت دائما في قلب الحدث، صوتا للوطن وجسرا قويا بين المؤسسات والمجتمع، ومتأكدين أنها ستواصل رسالتها بوعي ومسؤولية، دفاعا عن الصورة المشرقة لمراكش وعن القيم النبيلة التي تنفرد بها ساكنتها.
إن عرس الكان ليس مناسبة كروية عابرة، ولكن موعد قاري كبير لتأكيد أن المغرب بلد الأمن و حكامة التنظيم ورمز الإبداع والتلاحم، وأن مراكش التي أحبها العالم لجمالها وكرمها وإنسانيتها، قادرة على أن تكون عند الموعد، مضيئة ببهجة سكانها، قوية بانتمائها الإفريقي ووفية لملكها ووطنها.
فلنجعل من هذه اللحظة ورشة وطنية مفتوحة، نزين فيها الأحياء ونؤطر فيها الشباب، ولتكن كل مبادرة رسالة فخر واعتزاز، لأن نجاح الكان هو نجاح للوطن بأكمله ورسالة إلى إفريقيا والعالم بأن المغرب لا يراهن على نجاح الحدث بالملاعب والبنية التحتية، وإنما على الإنسان المغربي في ذاته ولذاته في أرقى صور المواطنة والالتزام و كرم الضيافة.
من مراكش مدينة الحضارة والبهجة نجدد العهد مع الوطن ومع الملك بأن تكون كأس إفريقيا 2025 عنوانا جديدا لمجد المغرب وتعبيرا صادقا عن روح الوحدة التي لا تنكسر.
الله الوطن الملك















