في الوقت الذي دقت فيه وزارة الداخلية ناقوس الخطر بشأن تزايد حالات الإصابة والوفاة بداء السعار بالمملكة، ما تزال الكلاب الضالة تسرح وتمرح بحرية تامة في مدخل بلدية أيت أورير بإقليم الحوز، مهددة سلامة المواطنين، وخاصة الأطفال والتلاميذ.
فبحسب معطيات رسمية، يسجل المغرب سنويا ما بين 20 و30 حالة وفاة بشرية نتيجة داء السعار، إضافة إلى أكثر من 300 إصابة في صفوف الحيوانات، وهو ما اعتبرته وزارة الداخلية مؤشراً مقلقاً يستدعي تدخلاً عاجلاً للحد من انتشار الكلاب والقطط الضالة في الوسطين الحضري والقروي.
ورغم التحذيرات المتكررة والدوريات الوزارية الموجهة إلى الجماعات الترابية بضرورة تفعيل البرامج الوقائية، فإن الوضع في أيت أورير يبدو مغايراً. حيث أكدت فعاليات جمعوية مهتمة بالشأن الصحي والبيئي أن ظاهرة الكلاب الضالة تعرف انتشاراً مقلقاً بمختلف أحياء الجماعة، خاصة بالقرب من المؤسسات التعليمية والأسواق الأسبوعية، في ظل ما وصفوه بـ“اللامبالاة الجماعية” تجاه خطر حقيقي يتهدد السكان يومياً.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن أعداداً كبيرة من الكلاب الضالة تتخذ من محيط مقر بلدية أيت أورير مأوى دائماً لها، في مشهد يثير استغراب المواطنين، لكون الجماعة هي الجهة المسؤولة قانونياً عن تدبير هذا الملف، خصوصاً بعد استفادتها من ميزانية خاصة خصصتها الوزارة الوصية لمعالجة الظاهرة والحد من أخطارها.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في وقت سابق عن تبني مقاربة جديدة لمواجهة ظاهرة الكلاب والقطط الضالة، ترتكز على التعقيم، التلقيح، والترقيم قبل إعادة الحيوانات إلى موائلها الأصلية، من أجل ضبط أعدادها تدريجياً بطريقة إنسانية تراعي الصحة العامة والرفق بالحيوان.
وبحسب التقرير السنوي للوزارة برسم سنة 2025، فقد تم تخصيص غلاف مالي قدره 38 مليون درهم لبناء وتجهيز محاجز للحيوانات بعدد من المدن، بلغت نسبة تقدم الأشغال بها 95% في خمسة محاجز رئيسية، فيما توجد أخرى في طور الدراسة. كما تمت المصادقة على مشروع قانون جديد لحماية الحيوانات الضالة، يلزم الجماعات بإحداث مراكز إيواء مجهزة، مع إشراك الجمعيات البيئية والحقوقية في عمليات التتبع والمراقبة.
وفي السياق ذاته، خصصت الوزارة بشراكة مع الجماعات المحلية ما يقارب 80 مليون درهم لتوفير اللقاحات والمستلزمات البيطرية ضد داء السعار، وتوزيعها على 565 مركزاً صحياً عبر التراب الوطني، في خطوة تروم تعزيز الوقاية وحماية أرواح المواطنين من هذا المرض القاتل.
ويبقى الأمل معقودا على تدخل عاجل من السلطات المحلية والمنتخبة بمدينة أيت أورير، لتفعيل البرامج الوطنية على أرض الواقع، والتصدي لظاهرة الكلاب الضالة التي تحولت إلى قنبلة موقوتة تهدد الصحة والسلامة العامة بالإقليم.















