مراكش العاصمة الثقافية التي خذلها بعض مسؤولوها.

“مراكش يا وريدة بين النخيل…” التي تغنى بها الفنان اسماعيل أحمد، أضحت اليوم وريقاتها ذابلة وجذورها ضامرة بعد أن انهالت عليها معاول التدبير العشوائي بالضربات الواحدة تلو الأخرى، كان آخرها الخبر الصاعقة الذي أصاب وريد المدينة الحمراء في مقتل والذي يقضي بسحب صفة مراكش عاصمة الثقافة بإفريقيا ومنحه لمدينة الرباط.


هذا الإجراء رغم قساوته وشدة وطأته على كل محب للتاريخ التليد لمدينة مراكش، إلا أنه تحصيل حاصل، وحاصل مشهدها الثقافي يحيل أنها تعيش إحدى أحلك أيامها الثقافية، كيف لا والمسؤولون المشرفون عليها
لا تربطهم بالثقافة سوى تدبير الصفقات المشبوهة، وتبني سياسة الارتجال واللعب بالنار.


إن التراجع المهول الذي يشهده قطاع الثقافة والمشاكل التي يتخبط فيها الفنانون بكل أصنافهم، والكتاب والمؤلفون والشعراء.. ،كلها عوامل أفسدت الفرحة التي كان ينشدها مثقفو المدينة و فنانوها بعد منح مراكش صفة عاصمة الثقافة الافريقية لسنة 2020.


هذه الصفة التي كانت حتى عهد قريب تعتبر مكسبا حقيقيا لمدينة سبعة رجال ذات التاريخ العريق، والتي من شأنها ان تعود بالفائدة المادية والمعنوية على الفنانين والمثقفين وتعيد المجد والحيوية للحركة الثقافية و الفنية بمدينة مراكش كعاصمة للثقافة الإفريقية لسنة 2020، إلا أن ذلك الحلم تكسر بفعل الضعف والهوان وخيبة الأمل في من وكل إليهم الشأن الثقافي بمراكش.


سيشهد التاريخ، ويسجل بمداد الأسى تاريخ الأربعاء 22 يناير الجاري الذي انتزع من مدينة مراكش صفة عاصمة الثقافة الافريقية 2020 ، و منحه للعاصمة الرباط، بسبب عدم توفير الاعتمادات المالية، وفي الحقيقة ليس المشكل في الاعتمادات المالية وحدها، ولكن في المسؤولين الذين ضحوا بهذا المكسب من خلال جهلهم بميكانيزمات الفعل الثقافي، وتدبير المرحلة وفق منهجية واقعية وحكيمة، تتغيى الإشعاع الثقافي، وإحياء الندوات والمنتديات والمعارض الفنية….


لقد دقت وسائل الإعلام المحلية والوطنية أكثر من مرة ناقوس الخطر، وطالبت بضرورة الوقوف على حقيقة التراجعات التي يشهدها القطاع الثقافي، كما نبهت الى تردي الوضع الثقافي، بعد أن طرحت سؤالا مشروعا : ما محل المديرية الجهوية للثقافة ؟ وذلك لما لاحظت شرود هذه المؤسسة الثقافية عن السكة الصحيحة، وزد على ذلك، المجلس الجماعي لمراكش الذي ظل في حالة شرود، مكتفيا بتحنيط الثقافة، ولفها في ثوب الحداد، بمعية المديرية الجهوية للثقافة بمراكش، ودفنها في صمت، وكأن شيئا لم يقع، ولا يتطلب الأمر تقديم العزاء لذوي الميت، والترحم على الثقافة.
فلك الله يا مراكش.
ولكم أيها المسؤولون أن تقدموا استقالتكم التدبيرية فقد ألحقتم العار بالحاضرة المراكشية.