أثارت خطوة وزير التربية والتعليم، شكيب بنموسى ، بتحديد سن المشاركة في منافسات التدريس بـ 30 سنة كحد أقصى، ردود فعل متباينة في الشارع وفي الأوساط السياسية المغربية. وبدأت مواقف مختلف الأحزاب في الخروج للعلن بين مرحب ومندد.
وأكدت فرق المعارضة في مجلس النواب، اليوم الاثنين،خلال جلسة الأسئلة الشفوية، على عدم دستورية قرار وزير التربية الوطنية والتعليم شكيب بنموسى بتحديد سن المشاركة في منافسات التدريس بـ 30 سنة كحد أقصى، ولا يستند إلى أي أساس قانوني.
ونصت الشروط الجديدة لقبول ملف الترشيح لتوظيف من يعرفون بأساتذة التعاقد أو “أطر الأكاديميات الجهوية للتربية”، استعدادا للدخول التربوي الجديد، على تحديد السن الأقصى لاجتياز المباريات في ثلاثين عاما.
كما نصت الشروط الجديدة أيضا على العودة إلى نظام الانتقاء الذي يستند إلى الميزة أي العلامات التي حصل عليها المترشح في شهادتي البكالوريا والإجازة الجامعية.
ويحدد قانون التوظيف في المغرب، سن الدخول إلى الوظيفة العمومية بين 18 و40 عاما، وقد يصل في بعض الحالات إلى 45 عاما.
في هذا الصدد ، طلب فريق المعارضة شكيب بنموسى ، وزير التعليم، عن الإجراءات والتدابير الاستعجالية التي سيتم اتخاذها لتصحيح هذه الاختلالات وتمكين حملة الشواهد الذين بذلوا مجهودات استعدادا لهذه المباريات من اجتيازها على أساس الشروط السابقة.
من جهته قال محمد مبدع، عن الفريق الحركة الشعبية، “فوجئنا بأن وزارة التربية الوطنية خرجت بقرار يقضي بتسقيف السن لاجتياز مباراة التعليم، لتقصي عددا من الشباب لولوج سوق الشغل”، مضيفا في الوقت نفسه “ضيقتم قاعدة الاختيار والبحث عن الكفاءة”.
وأضاف المتحدث نفسه “بلادنا محتاجة إلى الاستقرار، والأمن، واليوم ترون الاحتجاجات على القرار، هذا إقصاء السيد الوزير”، وتساءل مبدع في الصدد ذاته قائلا، “هل 30 سنة شرط للكفاءة والعلم والتكوين؟”.
من جانبها علقت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في تعقيبها على جواب لوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات ، يونس السكوري، عن سؤال حول معضلة التشغيل، بالقول “هناك مؤشرات مقلقة تدعو الحكومة إلى تفيعل برامج، ومبادرات التشغيل، الموجهة إلى الشباب دون تحديد معايير مجحفة، وإقصائية في حق فئة عريضة من المعطلين، كما حصل في قطاع التربية الوطنية”.
واعتبر العدالة والتنمية، أن هذه الشروط “غير دستورية، وغير قانونية، تتعارض مع مقومات الدولة الاجتماعية، ولا علاقة لها بالإبداع والابتكار، الذي عودتمونا به إلا إذا كانت الحكومة تعتبر تحديد السن في 30 سنة لاجتياز مبارايات الوظيفة العمومية هو من الإبداعات”.
فيما قال برلماني باسم الفريق الاشتراكي “هذه بدعة خلقتها الحكومة الجديدة، نسائلكم عن ما المغزى من القرار؟ هل لخلق الاحتقان الاجتماعي، وإقصاء عدد من الشبان والشابات من التوظيف؟”.
في حين قال برلمانية عن فريق حزب التقدم والاشتراكية “الذي يهمنا في فريق التقدم والاشتراكية هو فهم خلفيات هذا القرار، الذي خلق جدلا واسعا في المغرب، بعد فرض شروط تعجيزية لاجتياز المباريات”.
وأضافت المتحدث نفسها “قبل أسبوع كان معنا وزير التربية الوطنية، ولم يشر لا من قريب، ولا من بعيد لهذا القرار، وهذا يعني أن هناك قرارا ارتجاليا جديدا اتخذته الحكومة دون علم أحد، والسبب هو عدم الإنصات لصوت الشارع”، قبل أن تقول في ختام كلمتها للوزير “تتحملون المسؤولية السياسية لقراراتكم”.
ويقول الرافضون إن هذه الشروط تشكل خرقا لما ينص عليه القانون والدستور، كما أنها تخالف ما جاء به النظام الأساسي لـ”أطر الأكاديميات”.
وقد نصت المادة الرابعة من النظام الأساسي لـ”أطر الأكاديميات”، ضمن الشروط، على أن لا يقل سن المترشح عن 18 سنة ولا يزيد عن 40 سنة، ويرفع الحد الأقصى لسن التوظيف إلى 45 سنة في بعض الحالات.
وقد أثار خفض سن التوظيف في التعليم مع إعادة الانتقاء، موجة رفض عارمة وغليانا في أوساط الشباب الراغبين في الالتحاق بمجال التدريس.
ولا يتمكن 40 في المئة من خريجي الجامعات من الحصول على وظائف نظرا لقلة المناصب المخصصة للتوظيف سنويا، وتنص الموازنة الجديدة على إحداث أزيد من 26 ألفا و800 مائة منصب مالي.
ومباشرة بعد إعلان القرارات الجديدة، انطلقت، مساء الجمعة، مظاهرة طلابية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس، وسط البلاد، بمشاركة عشرات الطلاب.
كما نظمت، السبت، مسيرات بعدد من المدن شارك فيها الطلاب وحاملو الشهادات من العاطلين عن العمل، ومن المنتظر أن تخرج مظاهرات جديدة، يوم الأحد.
في المقابل، تعتبر الوزارة الوصية، أن تشديد شروط انتقاء المدرسين يدخل في صلب إصلاح منظومة التدريس.
ويقف خلف هذا القرار، وزير التعليم، شكيب بنموسى، وهو مسؤول شغل عدة مناصب هامة في المغرب، كان آخرها رئاسة لجنة النموذج التنموي، التي كلفت بمهمة صياغة خارطة طريق لمغرب جديد.
ويراهن المغرب منذ سنوات طويلة على النهوض بقطاع التعليم الذي يعاني من اختلالات عديدة، غير أن السياسيات التي تمت صياغتها منذ عقود، لم تتمكن من بلوغ مدرسة حكومية في مستوى التطلعات وإخراج القطاع من الأزمة.