حتى لا يختلط الحابل بالنابل!!!!

بقلم الاستاذ: سيدي محمد الناصري.

يجب أولا أن نميز بين الصحفيين، الكتاب، الذين أغنوا الساحة الثقافية و الأدبية الى حدود الأمس القريب، كانت أسماؤهم ترصع صفحات الجرائد، و أقلامهم حرة طليقة، تؤسس الرؤى و المواقف، تصبو الى التغيير و النقد البناء، لا تباع و لاتشترى، و هم كثر، دون تحديد، منهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر، معتقلا، محصورا داخل نفسه قبل أن يكون مسجونا بين الحيطان.

أما ما تعلق بما جاء على جدار إحدى الجرائد الالكترونية، فحديثها عن أشباه الصحفيين، حديثها عن الصحافة الصفراء المأجورة، المأمورة، عن صحافة الفضائح و التجارة بأعراض الناس، عن صحافة (عيشي عيشي)، عن صحافة المستوى الإبتدائي او دون ذلك، عن صحافة التفاهة و التهافت، عن صحافة التعويم و الإنزال. فالحديث هنا، إذن، عن الوقاحة و حاشا لله أن تكون صحافة، فإذا كان المعهد العالي للصحافة ينتج الأقلام الوازنة، و يتطلب ولوجه على الأقل الإجازة، فالسؤال الذي يطرح نفسه بشدة، هو من أنتج لنا كل هذا الضجيج و هذه الضوضاء التي يسمونها اليوم الصحافة، فكل من حمل آلة تصوير و مكرفونا و لا علاقة له بأحرف الهجاء، يسمي نفسه صحفيا، للأسف المرير، هذا يسمى تبخيسا ممنهجا، هذا يسمى عقابا و تعذيبا، هذا يسمى ضغينة و انتقاما.

فهل جاء وقت التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، و المحافظة على ما تبقى من ماء الوجه، ام أن سياسة (العام زين) لا زالت مستمرة…، فإذا غاب الإعلام الحقيقي، كسلطة رابعة، اختل التوازن و بقي الامر بين يدي التشريع و التنفيذ و القضاء كسلط رائدة، لا بد لها من الرقابة، لا بد لا لها من الإنصات، بتمعن، للرأي الآخر، تناغم و انسجام لا يمكن أن يؤدي، إلا إلى أجواء تسودها التعادلية و (الديمقراطية)، تؤسس لشروط الدولة و قوامها، خصوصا ما نسميه اليوم بالدولة الاجتماعية.

فإذا كان أفلاطون، أب المثالية، قد أبعد الشعراء عن المدينة الفاضلة، لأنهم غاوون، لا يصنعون إلا الخيال و المجاز، و جعل الفلاسفة و الفكر و المعرفة على رأس هرمها، فذلك ليس اعتباطيا، و إنما هو صون لمدينته من التداعي و الانهيار، و اعتماد الحقيقة المطلقة التي لا تترك مجال للشك، و كذلك اعتماد سلطة القول، عوض التسلط بالقول كما كان الأمر مع السفسطائيين، الذين أرادوا للمجتمع اليوناني أن يرقى بسلطة ( الهريف و الغميق و باك صاحبي)…، نتحدث عن 360 سنة قبل الميلاذ، فهل وصلتنا عدوى السفسطاء؟، أم اننا لا زلنا نعيش زمنهم، ما دمنا نترك مصائرنا بين أياذي غير أمينة نسميها (الصحافة).

3 Comments

  1. أرجو أن لا أكون ضيفا ثقيلا على قلوبكم، هي مجرد محاولات لإبداء الرأي، يشرفني أن أتقاسمها معكم، منتظرا آرائكم، لعلها تكون وساطة الاجتهاد و بذل مجهود أكبر. و إذ أناشدكم، أشكر الجريدة المتألقة جامع الفنا بريس على دعمها و مساندتها.

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*